القصةُ الشهيرة لروبرت مع الاب الغني والاب الفقير:
وَالِدُ روبرت البيولوجي (الأبُ الفقير) كان رجلاً متعلماً ومثقفًا، حاصلًا على درجات علمية عالية، وشَغَلَ وظيفة حكومية مرموقة في مجال التعليم. كان يُؤْمنُ إيمانًا راسخًا بالتعليم الأكاديمي كطريق رئيسي للنجاح. كان دائمًا يوصي ابنه بأن يَذهبَ إلى المدرسة. و يَحْصُلَ على درجاتٍ ممتازة.و أنْ يَتخرّجَ من الجامعة لِيَجِدَ وظيفةً مستقرة وآمنة، ويُفَضِّلُ أن تكون في الحكومة.
فلسفة الأب الفقير كانت تعتمد على الأمان الوظيفي، والاعتماد على الرواتب التقاعدية والمزايا الحكومية كوسيلة لضمان مستقبل مادي مستقر.
ورغم أن والده كان يعمل بجد، إلا أنه كان دائمًا يعاني من ضغوط مالية بسبب التزاماته الكبيرة وغياب الاستثمارات التي تُدِرُّ دَخْلاً إضافيًا.
على الجانب الآخر، كان والدُ صديقِ روبرت، وهو ما يُطْلِقُ عليه كيوساكي "الأبُ الغني"، رجلُ أعمالٍ ناجحٰ يمتلك عدة مشاريع واستثمارات. لم يكن متعلمًا بِنَفْسِِ القدرِ الأكاديمي مثلَ الأب الفقير، لكنه كان يمتلك فهماً عميقاً للمال وكيفيةَ استثماره.
الأبُ الغنيُّ كان يؤمنُ بأنَّ التعليم الأكاديمي وحده لا يكفي لبناء الثروة. و أَنَّ الناسََ يجب أن يتعلموا كيف يعملُ المال، وليس فقط كيف يَعملون من أجل المال.
الاستثمار في الأصول (مثل العقارات والأسهم) هو المفتاحُ لبناءِ الثروة:
الأبُ الغني علَّمَ روبرت أنّ الفرقَ بين الأثرياء والفقراء هو في طريقةِ التفكير. الفقراء والطبقة المتوسطة يَعملون من أجل المال، بينما الأثرياء يجعلون المالَ يعمل من أجلهم.
حاوَل روبرت كيوساكي أنْ يبدأ أول مشروع له مع صديقه مايك عندما كانا في التاسعة من عمرهما، بعد أن شعرا بالإحباط من افتقارهما للمال ورغبتهما في أن يصبحا أثرياء. تأثرت فكرتهما بتجاربهما المبكرة مع ما يحدث من حولهما، بما في ذلك الاختلاف بين الأب الفقير (والد روبرت) والأب الغني (والد مايك).
بعد تفكير طويل حول كيفية كسب المال، قررا الشروع في إنتاج النقود المزيفة. قاما بجمع علب معجون الأسنان الفارغة وصهراها في المنزل باستخدام مصدر حرارة، ثم سكبا البلاستيك المذاب في قوالب العملات المعدنية الصغيرة لصنع قطع تشبه العملات المعدنية.
سرعان ما اكتشفا أن ما كانا يقومان به ليس قانونيًا. أخبرت أم روبرت الصبيين أنهما لا يمكنهما صنع النقود بهذه الطريقة وأن هذا يُعتبر تزويرًا، مما اضطرهما إلى إيقاف المشروع.
رغم أن المشروع فشل، إلا أن هذه التجربة كانت نقطة بداية لتعلم روبرت كيفية التفكير بشكل إبداعي حول كسب المال. بعد هذه الحادثة، قرّرَ روبرت أنْ يَتَعلَّمَ كيفية تحقيق الثروة.
التعليمُ المالي العملي من الأبِ الغني:
سَأل والدَهُ (الأبُ الفقير) كيف يُمْكِنُه أن يصبح غنيًا. نّصحهُ والدُه بالتركيزِ على دراسته. لكن روبرت، الذي كان يشعرُ بأنّ هناكَ شيءٌ ناقصٌ في هذه النصيحة، قرر أن يسأل والِدَ صديقهِ الأبُ الغني نفس السؤال. كان الردُّ مختلفًا تماماً. الأبُ الغني بدأ يعلِّمُهُ دروسًا مالية عملية، مِثلْ:
العملُ مقابلَ المعرفة.
الأبُ الغني لم يمنح روبرت المالَ مباشرة، بل أعطاه فرصةً للعمل في متجرٍ صغيرٍ ليتعلم كيف تُدارُ الأعمال. في البداية، كان روبرت مُحْبَطاً لأنه كان يعملُ لساعاتٍ طويلة مقابل القليلِ من المال، لكنَّ الهدف لم يكن الأجر بل التعَلُّم.
من أهم الدروس التي علّمها له الأبُ الغني هي التفرقةُ بين الأصولِ والخصوم.
الأصولُ هي الأشياء التي تزيد من دخلك، مثل العقارات والأسهم. أما الخصوم فهي الأشياء التي تستهلك مالك، مثل القروض والديون.
الأبُ الغني كان يؤمن بأن الادخار وحده لا يبني الثروة. كان يشجع روبرت على التفكير في كيفية استثمار المال وجعله يعمل لصالحه.
الأب الغني كان دائمًا يؤكد أن العمل مقابلَ الرّاتِب هو طريقة مضمونة للبقاء في الطبقة الوسطى.
يجب على الإنسان بناء مصادر دخل متعددة تعتمد على الأصول، وليس الاعتمادُ على مَصدرِ دخلٍ واحد مثلَ الوظيفة.
تَجنُّبُ الخوف من الفشل:
روبرت تَعَلَّمَ من الأب الغني أنّ الخوفَ من الفشل هو ما يمنع الكثيرين من تحقيق النجاح. الفشلُ جزء طبيعي من عملية التعلم، والأثرياء غالبًا ما يفشلون ولكنهم يستمرون في المحاولة.
تَكوَّنتْ لَدا روبرت رؤيةً جديدةً عن المال
بينما واصلَ والدهُ البيولوجي، أي الأب الفقير، نُصْحَهُ باتِّباع التعليم التقليدي والبحثِ عنْ وظيفةٍ مستقرة، تَبَنّى روبرت نصائحَ الأبِ الغني وبدأ يفكر في كيفية بناء ثروته من خلال الأصول والاستثمارات. هذه التجربةُ كانت النقطة المحورية في حياة روبرت، حيث قرر أن يتعلم بنفسه كيفية إدارة المال والاستثمار بدلاً من اتباع المسار التقليدي الذي يَتَّبِعُهُ أغلب الناس.
قصة "الأب الغني والأب الفقير" هي قصة رمزية تعكس الصراع بين فلسفتين مختلفتين حول المال. الأبُ الفقير يمثل التفكير التقليدي الذي يعتمد على التعليم الأكاديمي والوظيفة المستقرة، بينما الأب الغني يمثل التفكير الريادي والاستثماري الذي يركز على بناء الثروة من خلال الاستثمار والتعليم المالي.
روبرت كيوساكي تبنّى في النهاية فلسفة الأب الغني وبدأ يُعلِّم الآخرين كيفية تحقيق النجاح المالي من خلال تغيير طريقة تفكيرهم حول المال والاعتماد على الأصول بدلاً من الدخل الثابت فقط.
النَّجاحُ العالمي:
في عام ألفٍ و تِسعمائة و سبعة و تسعين، نشر كيوساكي كِتَاب "الأب الغني والأب الفقير"، الذي استند إلى الأفكار التي تَعلَّمَها من "الأب الغني" و"الأب الفقير". الكِتَابُ حقق نجاحًا هائلًا وانتشر عالميًا، حيث شجع الملايينَ على التفكير بطريقةٍ جديدةٍ حول المال والاستثمار.