النحل يحتاج إلى عناصر غذائية أساسية – المستعمرات تنمو بمقدار 15 ضعفًا
التاريخ: 23 غشت 2025
المصدر: جامعة أكسفورد
طور العلماء مكملًا غذائيًا ثوريًا يمكن أن يساعد في إنقاذ نحل العسل من الانخفاض المدمر في أعداده. من خلال تعديل الخميرة لتنتج ستة أنواع من "الستيرولات" الأساسية الموجودة في حبوب اللقاح، تمكن الباحثون من توفير نظام غذائي متكامل غذائيًا للنحل أدى إلى زيادة التكاثر بما يصل إلى 15 ضعفًا. وعلى عكس البدائل التجارية الحالية التي تفتقر إلى عناصر غذائية مهمة، فإن هذا المكمل يحاكي بدقة تركيبة الستيرولات الموجودة في اللقاح الطبيعي، مما يمنح النحل ما يعادل نظامًا غذائيًا متوازنًا.
أجريت الدراسة بقيادة جامعة أكسفورد بالتعاون مع الحدائق النباتية الملكية – كيو، وجامعة غرينتش، والجامعة التقنية بالدنمارك، وقد توفر هذه النتائج حلًا عمليًا وفعالًا من حيث التكلفة لمواجهة التراجع الخطير في أعداد نحل العسل. وأُعلنت النتائج يوم 20 غشت في مجلة Nature.
التحدي: معالجة نقص غذائي حرج
أدى تغير المناخ وتكثيف الأنشطة الزراعية إلى تقليص التنوع النباتي الذي يحتاجه النحل للبقاء والازدهار. ويُعدّ اللقاح (حبوب الطلع) المكوّن الأساسي في غذاء النحل، إذ يحتوي على دهون خاصة تُسمى الستيرولات وهي ضرورية لنموه وتطوره. ومع تراجع توفر اللقاح الطبيعي، بدأ مربو النحل يعتمدون أكثر فأكثر على بدائل صناعية. إلا أن هذه البدائل – المكوّنة عادة من دقيق بروتيني وسكريات وزيوت – لا تحتوي على الستيرولات الضرورية، مما يجعلها ناقصة من الناحية الغذائية.
في هذه الدراسة الجديدة، تمكن الفريق البحثي من تعديل خميرة Yarrowia lipolytica وراثيًا لإنتاج مزيج دقيق من ستة أنواع من الستيرولات التي يحتاجها النحل. أُضيفت هذه الخميرة إلى النظام الغذائي لمستعمرات النحل خلال تجارب تغذية استمرت ثلاثة أشهر، أجريت داخل بيوت زجاجية مغلقة لضمان أن النحل يتغذى فقط على النظام الغذائي المخصص للتجربة.
النتائج الرئيسية
مع نهاية فترة الدراسة، أظهرت المستعمرات التي تلقت غذاءً مدعمًا بالستيرولات قدرة على تربية عدد من اليرقات المؤهلة للتحول إلى عذارى يزيد بمقدار 15 مرة مقارنة بالمستعمرات التي تلقت غذاءً خاليًا من هذه المركبات.
المستعمرات التي تغذت على النظام الغذائي المدعم واصلت إنتاج الحضنة (اليرقات) حتى نهاية الأشهر الثلاثة، بينما توقفت المستعمرات التي لم تحصل على الستيرولات بعد 90 يومًا فقط.
المثير للانتباه أن تركيب الستيرولات في يرقات المستعمرات التي تغذت على الخميرة المعدلة كان مطابقًا تقريبًا لما يوجد في المستعمرات التي تتغذى طبيعيًا من الأزهار، مما يشير إلى أن النحل ينقل بدقة إلى صغاره العناصر الأكثر أهمية من الناحية البيولوجية.
قالت البروفسورة جيرالدين رايت (قسم الأحياء، جامعة أكسفورد):
"تُظهر دراستنا كيف يمكننا استخدام البيولوجيا التخليقية لحل تحديات بيئية واقعية. معظم الستيرولات الموجودة في اللقاح والتي يحتاجها النحل غير متاحة طبيعيًا بكميات تسمح بجمعها على نطاق تجاري، مما يجعل من المستحيل تقريبًا إنتاج غذاء كامل بديل عن اللقاح الطبيعي."
وأضافت الدكتورة إلينور مور (المؤلفة الرئيسية من قسم الأحياء بجامعة أكسفورد وقت إجراء الدراسة، وهي حاليًا بجامعة دلفت للتكنولوجيا):
"بالنسبة للنحل، فإن الفرق بين الغذاء المدعم بالستيرولات والأغذية التقليدية يشبه الفرق بالنسبة للإنسان بين تناول وجبات متوازنة وكاملة غذائيًا وبين وجبات تفتقر إلى عناصر أساسية مثل الأحماض الدهنية. بفضل التخمير الدقيق، أصبح بإمكاننا الآن توفير غذاء مُصمم خصيصًا للنحل، مكتمل على المستوى الجزيئي."
من اللقاح إلى التغذية الدقيقة: تحديد وإنتاج الستيرولات الأساسية للنحل
قبل هذا البحث، لم يكن واضحًا أي من أنواع الستيرولات الكثيرة في اللقاح ضرورية فعلًا لصحة النحل. للإجابة عن ذلك، قام الباحثون بتحليل كيميائي لمركبات الستيرول في عينات من أنسجة العذارى والنحل البالغ. وقد تطلب ذلك عملًا دقيقًا جدًا، مثل تشريح نحل "المربيات" لفصل أمعائها.
كشفت التحاليل أن ستة مركبات رئيسية تشكل الجزء الأكبر من أنسجة النحل، وهي:
- 24-methylenecholesterol
- campesterol
- isofucosterol
- β-sitosterol
- cholesterol
- desmosterol
وباستخدام أداة CRISPR-Cas9 للهندسة الجينية، قام الباحثون بتعديل خميرة Yarrowia lipolytica لإنتاج هذه الستيرولات بطريقة مستدامة ومنخفضة التكلفة. وقد اختيرت هذه الخميرة تحديدًا لكونها غنية بالدهون، وآمنة للاستخدام الغذائي، وتستعمل بالفعل في تغذية الأسماك بالمزارع المائية.
لإنتاج المكمل الغذائي، تمت زراعة الخميرة المعدلة في مفاعلات حيوية، ثم حصادها وتجفيفها إلى مسحوق.
وقالت البروفيسورة إيرينا بورودينا (مركز NNF للاستدامة الحيوية، الجامعة التقنية بالدنمارك):
"اخترنا خميرة Yarrowia lipolytica لأنها بارعة في إنتاج المركبات المشتقة من acetyl-CoA مثل الدهون والستيرولات، وهي آمنة وسهلة التوسع صناعيًا. هذه الخميرة تُستخدم بالفعل لإنتاج إنزيمات، وأحماض أوميغا-3 الدهنية، ومحليات طبيعية، وفرمونات لمكافحة الحشرات، ومنتجات أخرى."
فوائد للزراعة والتنوع البيولوجي
الملقحات مثل نحل العسل تساهم في إنتاج أكثر من 70٪ من المحاصيل الزراعية الرئيسية عالميًا. إلا أن الانخفاض الحاد في أعدادها – الناتج عن سوء التغذية، التغير المناخي، الطفيليات، الأمراض الفيروسية، والمبيدات – يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي والتنوع البيولوجي. ففي الولايات المتحدة مثلًا، تتراوح خسائر مستعمرات النحل التجارية سنويًا بين 40 و50٪ خلال العقد الأخير، وقد تصل إلى 60 أو حتى 70٪ في 2025.
هذا المكمل الغذائي الجديد يوفر وسيلة عملية لتعزيز صمود المستعمرات دون الحاجة إلى استنزاف الموارد الطبيعية من الأزهار. وبما أن الخميرة تحتوي أيضًا على بروتينات ودهون نافعة، فقد يتم تطويرها لاحقًا لتصبح غذاءً متكاملًا للنحل.
وأضاف البروفيسور فيل ستيفنسون (الحدائق النباتية الملكية – كيو، وجامعة غرينتش):
"يلعب نحل العسل دورًا حاسمًا في تلقيح محاصيل مثل اللوز والتفاح والكرز، وغالبًا ما يتواجد بأعداد هائلة في مناطق هذه المحاصيل، مما يضغط على موارد الأزهار البرية المحدودة. وبالتالي، فإن مكملنا الغذائي المصمم قد يفيد أيضًا أنواع النحل البري، من خلال تقليل المنافسة على مصادر اللقاح النادرة."
أما دانييل داوني (المديرة التنفيذية لمؤسسة Project Apis m. لأبحاث النحل، غير مشاركة في الدراسة) فقالت:
"نحن نعتمد على نحل العسل في تلقيح ثلث غذائنا تقريبًا، ومع ذلك يواجه النحل ضغوطًا هائلة. التغذية الجيدة وسيلة فعالة لزيادة مقاومته لهذه التهديدات. في بيئات يقل فيها الغذاء الطبيعي، يمكن أن يشكل المكمل الغذائي الكامل تغييرًا جذريًا. هذا الاكتشاف الذي يحدد العناصر الغذائية الأساسية ويدمجها في غذاء النحل يمنح فرصًا كبيرة لتحسين بقاء المستعمرات، وبالتالي دعم مربي النحل الذين نعتمد عليهم لإنتاج غذائنا."
الخطوات القادمة والتطبيقات المستقبلية
رغم النتائج المشجعة، فإن هناك حاجة إلى تجارب ميدانية واسعة النطاق لتقييم التأثيرات طويلة الأمد على صحة المستعمرات وفعاليتها في التلقيح. ومن المحتمل أن يكون المكمل متاحًا للمزارعين خلال عامين تقريبًا.
كما يمكن استخدام هذه التقنية مستقبلًا لتطوير مكملات غذائية لملقحات أخرى أو لحشرات مزروعة، مما يفتح مجالات جديدة للزراعة المستدامة.